الراي نيوز -  بعد نهاية الحرب على غزة سيبدأ التنافس دوليا؛ إذ شكل طوفان الأقصى نقطة انقلاب استراتيجي في العالم.

وما يدور حاليا في الأوساط السياسية والعسكرية حول ما يعرف باليوم التالي للحرب على غزّة، ومن سيحكم غزة سياسيا؟ومن سيسيطر عليها أمنيّا بعد الحرب؟ وكيف سينعكس ذلك على القضيّة الفلسطينيّة برمّتها؟

يرى المحلل والخبير في الشأن الإسرائيلي سليمان بشارات من نابلس أن مصطلح اليوم التالي ما بعد الحرب هو مصطلح سياسي ظهر في خضم الحرب على قطاع غزة، والمقصود فيه طبيعة وشكل العلاقة المستقبلية بين الاحتلال الإسرائيلي ومنظوره إلى قطاع غزة من الجانب السياسي ومن سيحكم القطاع ومن سيديره، إضافة إلى الجانب الجغرافي ويتعلق بشكل وطبيعة جغرافية قطاع غزة ما بعد الحرب.

الخبير العسكري هلال الخوالدة اعتبر اليوم الأول ما بعد الحرب مرحلة جديدة حيث ستتوقف العمليات العسكرية حسب مراحل الصفقة التي رشحت، كما سيتوقف النشاط الجوي سواء الاستطلاعي أو العملياتي فوق القطاع لمدة 10 ساعات يوميا، و12 ساعة عندما يكون هناك عمليات تبادل للأسرى والمحتجزين.

اليوم التالي ما بعد الحرب

الرؤية الأميركية المعلن عنها لليوم التالي للحرب على غزة مبنية على فكرة إعادة غزة إلى الحالة التي كانت عليها ما قبل سيطرة حركة حماس عليها عام 2007، لتكون إلى جانب الضفّة الغربيّة تحت سيطرة السلطة الفلسطينيّة، فيما تقوم السلطة بكل ما يلزم لإعادة إدارة القطاع في اليوم التالي للحرب.

قال بشارات إن مصطلح اليوم التالي للحرب كان يعبر عن طبيعة الرؤى والخطط السياسية لمستقبل قطاع غزة والتعامل معها، وهو لم يختصر على القطاع بل بات يناقش إسرائيليا وما يرتبط بالحالة السياسية الإسرائيلية، والعلاقة الإسرائيلية الداخلية.

وأشار بشارات إلى أن هذا المصطلح تداوله الجانب الأميركي بشكل كبير بالدرجة الأولى في محاولة استشراف الرؤى المستقبلية لمكانة إسرائيل وحضورها وقدرتها المستقبلية.

ويرى بشارات أن الحرب الحقيقية هي تلك الحرب السياسية التي تتبلور ما بعد الإعلان عن وقف الحرب الميدانية والعسكرية؛ لأن كل طرف من الأطراف يبدأ يبحث عن مجالات استثمار لنتائج الحرب.

وأوضح بشارات أن الاحتلال الإسرائيلي سيحاول استثمار الحشد والتعاطي الدولي وحالة الدمار والقتل وملفات أخرى أحدثها في قطاع غزة وهي جزء من الأدوات الضاغطة التي سيحاول من خلالها ابتزاز الطرف الفلسطيني والمقاومة للحصول على أكبر قدر ممكن من المكتسبات السياسية.

"بنيامين نتنياهو يعول على مكتسبات سياسية في اليوم التالي للحرب من قبل الإدارة الأميركية وما ستمنحه لإسرائيل كإنجازات أو ثمار سياسية ما بعد الحرب"، وفقا لبشارات.

الانقسام الفلسطيني

قال بشارات إن الفلسطينيين يمرون في معضلة حالة الانقسام وعدم التوافق السياسي مما يضعف طبيعة وحجم الاستثمار أو الاستفادة من اليوم التالي لما بعد الحرب، ويزيد من حالة الفجوة بين تيارين فلسطييين، أحدهما متمثل في المقاومة، والآخر التيار الرسمي الفلسطيني ممثلا بالسلطة الوطنية الفلسطينية، كأول تيار سيحاول أن يدافع ويروج لوجهة نظره، وسيحاول كل طرف إلقاء اللوم على الآخر وهي واحدة من المعضلات الأساسية التي ستكون لها ارتداداتها فلسطينيا بحيث لا يوجد رؤية سياسية فلسطينية موحدة.

فيما أكد الخوالدة ضرورة أن تتعهد حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية بإيقاف العمليات، نظرا لموافقة الطرفين على هذه الصفقة إذا تم تنفيذها فعليا على أرض الواقع.

والمطلوب من حركة حماس وفصائل المقاومة إعادة تنظيم نفسها للسيطرة الأمنية على القطاع إذا لم يكن هناك أي اتفاق بمشاركة قوى فلسطينية أخرى.

ما المطلوب من الفلسطينيين؟

وبشأن الأوضاع داخل قطاع غزة ما بعد الحرب قال الخوالدة إن "كانت حركة حماس والمقاومة هي المسؤولة داخل القطاع بعد إيقاف العمليات يجب أن تسيطر أمنيا وتحافظ على حياة المدنيين في ظل حركة الاكتظاظ الكبيرة من جنوب القطاع إلى شماله أي من المخيمات إلى مناطق سكنهم خاصة في المنطقة الشمالية، لا سيما أن المنطقة مليئة بالقنابل العمياء والصواريخ والمتفجرات التي ألقاها الجيش الإسرائيلي إضافة أنها منطقة غير آمنة.

كذلك يجب على حركة حماس أن تسيطر على المساعدات التي ستبلغ 600 شاحنة يوميا سواء المواد الأساسية أو المواد المطلوبة لإعادة البناء، بالإضافة إلى إعادة الحياة إلى المستشفيات وبعض مرافق الحياة بمساعدة المنظمات الدولية، ولا بد من تشكيل لجان للتعامل مع اللجان الدولية والمنظمات الإنسانية الدولية.

تفاصيل الصفقة "الأسرى"

بحسب ما رشح من تفاصيل عن اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل، قال الخوالدة إن المطلوب من حركة حماس في المرحلة الأولى الإفراج عن 33 محتجزا من الإسرائيليين الأحياء، مقابل كل متحتجز إسرائيلي سيتم إطلاق سراح 30 فلسطينيا، وفي المراحل اللاحقة يتم الإفراج عن المجندات وكل مجند مقابله عدد من الفلسطينيين.

وفي المراحل النهائية يكون وقف إطلاق النار مستداما ويتم تبادل الجثث.

الصفقة بين "مد وجزر"

وأكد الخوالدة أن الصفقة أخذت وقتا كبيرا نظرا لوجود نقاط خلافية حول انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع ومن محور نتسارييم ومحور رفح بالحدود مع مصر، وما رشح عن الصفقة أن إسرائيل في المرحلة الأولى ستنسحب شرقا باتجاه الحدود، وفي المرحلة الثانية ستنسحب من شارع الرشيد غربا باتجاه الشرق إلى شارع صلاح الدين، ومن ثم إخلاء ممر نتساريم.

ويتوجب على حركة حماس في هذه المرحلة بحسب الخوالدة، إيقاف العمليات ومراقبة أي خروقات من الجيش الإسرائيلي وإبلاغ الأطراف الضامنة لهذه الاتفاقية وهي مصر وقطر والولايات المتحدة الأميركية.

كذلك إدامة الحياة في القطاع واستدامة ووقف إطلاق النار على حسب مراحله الثلاث، وما رشح من الصفقة أن إسرائيل تتعهد بعدم العودة إلى القتال مرة أخرى في حال استدامة الاتفاق وهذا يعتمد على التفاوض في المراحل الأولى والثانية والثالثة بين الطرفين.

المقاومة بين الصمود واليوم التالي للحرب

الطرف الفلسطيني تعرض إلى حالة من الدمار الشامل والقتل والإبادة ولكن المقاومة انطلاقا من اعتبارها أنها صمدت واستطاعت أن تحتفظ ببعض أوراق القوة بما فيها ورقة المحتجزين الإسرائيليين ستستثمر اليوم التالي في محاولة الحصول على مكتسبات سياسية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وقطاع غزة وسيتم استثمار ذلك في الملف الإنساني في قطاع غزة ومحاولة رفع الحصار عن القطاع وتدفق المساعدات الإنسانية، وسيتم استثمار ذلك في محاولة الضغط على مشروع إعادة إعمار القطاع.

الطرف الثالث وهو الأطراف الإقليمية والدولية وكل طرف سيستثمر نتائج الحرب وفقا لأهدافه السياسية إما بتعزيز علاقات أو تطويرها.